بوفاة فاتن حمامة تكون إحدى أهم أيقونات عصر وُصف ب"الزمن الجميل" قد ودعتنا وأسدلت ستائره من خلفها نهائيا.
لايعود تألق فاتن حمامة فقط لقدراتها التمثيلية الهائلة لكن أيضا لتعاملها طيلة مسارها السينمائي الثري مع مخرجين متميزين ينتمون لاتجاهات سينمائية مختلفة، إذ قامت ببطولة أفلام أخرجها أهم مخرجي السينما المصرية والعربية طيلة عقود، انطلاقا من محمد كريم ثم هنري بركات فيوسف شاهين وصلاح أبو سيف وخيري بشارة، وأخيرا داود عبد السيد الذي شاركت في فيلمه "أرض الأحلام" سنة1993 والذي كان آخر فيلم لها.
وقد مثلت مع هنري بركات في عدة أفلام كان أهمها فيلمان يعتبران من بين أهم كلاسيكيات السينما المصرية، هما "الحرام" و"دعاء الكروان"، الأول مقتبس عن رواية ليوسف إدريس والثاني عن رواية بنفس الإسم لعميد الأدب العربي طه حسين.
ومع صلاح أبو سيف قامت ببطولة فيلم "لك يومٌ يا ظالم"، ثم أحد أهم أفلامه "الباب المسدود" والذي كتب له السيناريو نجيب محفوظ عن رواية لإحسان عبد القدوس.
أما مع المخرج المصري الوحيد الذي وصل للعالمية يوسف شاهين فقد كانت حاضرة في فيلمه الأول "بابا أمين " لتمثل معه بعد ذلك بضعة أفلام أخرى من بينها "إبن النيل" ثم "صراع في الوادي" الذي التقت فيه بعمر الشريف وتزوجته ليتطلقا بعد ذلك بسنوات عديدة...
وتعاملت فاتن حمامة مع رائد "سينما التشويق" في السينما المصرية كمال الشيخ في ثلاثة أفلام أولهما رومانسي هو الطريق المسدود والإثنان الآخران يدخلان في صميم التوجه الذي عُرف به "هتشكوك السينما المصرية" وهما "الليلة الأخيرة" و "المنزل رقم 13 ".
في التلفزيون كانت اختيارات فاتن حمامة جد دقيقة ومحسوبة وقليلة، فهي لم تقم ببطولة سوى مسلسلين تلفزيونيين هما "ضمير أبله حكمت" و"وجه القمر" و كانا مختلفين وحصلا على نسبة مشاهدة محترمة.
إثر انتشار خبر رحيلها يوم السبت الماضي كتب الكاتب والقاص المصري أحمد الخميسي في صفحته ب"الفيس بوك" في حقها كلمات مؤثرة، مما جاء فيها : "كنت أشعر طالما كانت فاتن حمامة حية بأن بوسعي أن أمد يدي إلي الزمن الآخر وألمسه : حيث شوارع القاهرة الخالية تقريبا ، والحكايات الساذجة، والبدل الشركتسين، والحديث عن الإرث والمسموح والممنوع في الحب، كنت أشعر أن الزمن القديم ليس بعيدا عني، أنني موصول به أستطيع أن أتردد عليه ، أن أقف بين حجراته لحظات أتأمل الصور القديمة وأعود لزمني. الآن لم يعد بوسعي أن أمد يدي إلي الزمن فقد اختفى برحيل فاتن حمامة"...